س: دائماً نسمع الحديث الشريف: "النساء ناقصات عقل ودين" ويأتي به بعض الرجال للإساءة للمرأة. نرجو من فضيلتكم توضيح معنى هذا الحديث؟
جـ: توضيح حديث رسول الله, صلى الله عليه وسلم, أنه قال: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن, فقيل يا رسول الله ما نقصان عقلها؟ فقيل يا رسول الله ما نقصان عقلها؟ قال أليست شهادة المرأتين بشهادة رجل؟ قيل يا رسول الله ما نقصان دينها قال: أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟!" فقد بين - عليه الصلاة والسلام- أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها وأن شهادتها تجبر بشهادة امرأة أخرى. وذلك لضبط الشهادة بسبب أنها قد تنسى أو قد تزيد في الشهادة. وأما نقصان دينها فلأنها في حال الحيض والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم ولا تقضي الصلاة فهذا من نقصان الدين. ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه, وإنما هو نقص حاصل بشرع الله- عز وجل-. هو الذي شرعه- سبحانه وتعالى- رفقاً بها وتيسيراً عليها لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك. فمن رحمة الله شرع لها ترك الصيام. وأما الصلاة فلأنها حال الحيض قد وجد منها ما يمنع الطهارة. فمن رحمة الله- جل وعلا- أن شرع لها ترك الصلاة وهكذا في النفاس ثم شرع لها أنها لا تقضي, لأن في القضاء مشقة كبيرة, لأن الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات. والحيض قد تكثر ايامه. تبلغ سبعة أيام أو ثمانية أيام. وأكثر والنفاس قد تبلغ أربعين يوماً. فكان من رحمة الله عليها وإحسانه إليها أن أسقط عنها الصلاة أداء وقضاء, ولا يلزم من هذا أن يكون نقص عقلها في كل شيء ونقص دينها في كل شيء, وإنما بين الرسول, صلى الله عليه وسلم, أن نقص عقلها من جهة ما يحصل من عدم الضبط, وقص دينها من جهة ما يحصل لها من ترك الصلاة والصوم في حال الحيض والنفاس. ولا يلزم من هذا أن تكون أيضاً دون الرجل في كل شيء وأن الرجل أفضل منها في كل شيء. نعم جنس الرجال أفضل من جنس النساء في الجملة, لأسباب كثيرة كما قال الله- سبحانه وتعالى-: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم). لكن قد تفوقه في بعض الأحيان في اشياء كثيرة, فكم من امرأة فوق كثير من الرجال في عقلها ودينها وضبطها. وإنما ورد عن النبي, صلى الله عليه وسلم,. أن جنس النساء دون جنس الرجال في العقل وفي الدين من هاتين الحيثيتين اللتين بينهما النبي, صلى الله عليه وسلم.
وقد تكثر منها الأعمال الصالحات فتربو على كثير من الرجال في عملها الصالح وفي تقواها لله- عز وجل- وفي منزلتها في الآخرة, وقد تكون لها عناية في بعض الإمور فتضبط ضبطاً كثيراً أكثر من ضبط الرجال في كثير من المسائل التي تعنى بها وتجتهد في حفظها وضبطها, فتكون مرجعاً في التاريخ الإسلامي وفي أمور كثيرة وهذا واضح لمن تأمل أحوال النساء في عهد النبي, صلى الله عليه وسلم, وبعد ذلك, وبهذا يعلم أن هذا النقص لا يمنع من الإعتماد عليها في الرواية, وهكذا في الشهادة إذا انجبرت بإمرأة أخرى, ولا يمنع أيضاً تقواها لله وكونها من خيرة عباد الله, ومن خيرة إماء الله, إذا إستقامت في دينها, وأن سقط عنها الصوم في الحيض والنفاس أداء لا قضاء, وإن سقطت عنها الصلاة أداء وقضاء فإن هذا لا يلزم منه نقصها في كل شيء من جهة تقواها لله, ومن جهة قيامها بأمره, ومن جهة ضبطها لما تعتني به من الأمور فهو نقص خاص في العقل والدين كما بينه النبي, صلى الله عليه وسلم, فلا ينبغي للمؤمن أن يرميها بالنقص في كل شيء, وضعف الدين في كل شيء, فإنما هو ضعف خاص في دينها, وضعف في عقلها فيما يتعلق بضبط الشهادة ونحو ذلك. فينبغي إنصافها وحمل كلام النبي, صلى الله عليه وسلم, على خير المحامل وأحسنها. والله تعالى أعلم
"الشيخ إبن باز"مع تحياتى LORD (^_^)